ما حكم إعطاءالمال للمتسولين ؟هل يجب عليّ أن أعطيه مالاً إذا طلب مني وقال من أجل الله ومن مال الله وبحبك لله ؟ البعض يقولون لا يجوز إعطاؤهم حتى لا نكون مشجعين لهم.
فهل هذا القول صحيح ؟ وكيف نوفق بين هذا القول وبين قول الله / وأما السائل فلا تنهر/ وهل المطلوب من خطيب الجمعة أن يحذّر المصلين من إعطاء المال للمتسولين الجالسين على أبواب المساجد حتى لا يكونوا مشجعين لهم بإعطائهم ؟ ثم إنه ليس كل المتسولين على درجة واحدة قد يكون الواحد عاجزاً عن العمل أو مريضاً فكيف نتعامل مع كل واحد منهم، وإذا لم نعرفهم تمام المعرفة هل نعطيهم أم لا؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالفقير والمسكين يصدقان في دعواهما الفقر والمسكنة، ولا يطالبان ببينه على ذلك ما لم يكذبهما ظاهرهما فلا يصدقان عند ذلك إلا ببينة، وإذا علم الشخص من حال السائل أو من قرينة قوية أنه غير محتاج إلى الصدقة فلا يعطيه لأنه غير مستحق في ظاهر الأمر، ونحن مطالبون بالتعامل مع الناس حسب ما يظهر لنا من حالهم. فإعطاء من لا يستحق مع العلم بحاله من إعانة له على ظلم نفسه أو ظلم الآخرين الذين هم أحق بهذه الصدقة وبما تقدم يعرف السائل جواب سؤاله عن كيفية التعامل مع المتسولين سواء من خطباء المساجد أو من غيرهم. وراجع فيمن يجوز له المسألة ومن لا يجوز له في الفتوى رقم: 60559. والفتوى رقم: 57511 .
وفي كل الأحوال فإن صدقة التطوع مستحبة وليست فرضا، ولا تجب بقول السائل للمتصدق أعطني من أجل الله أو من مال الله ونحو هذه العبارات.
وأما قول الله تعالى: وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَر {الضحى:10} فمعناه لا ترد على السائل بالإغلاظ في القول ولكن إما أن تبذل له اليسير أو ترده بالجميل.
والله أعلم.
الفتوى رقم
60559
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالفقير والمسكين كلاهما يستحق الصدقة، وقد فرق بعض الفقهاء بينهما، فقال: الفقير هو من لا مال له ولا كسب يقع موقعاً من كفايته، والمسكين ما له مال أو كسب يقع موقعا من كفايته ولا يكفيه -والحاجة قد تختلف باختلاف الحال، فقد يكون الشخص عنده بعض المال لكنه ذو عيال -مثلاً- والتكاليف كثيرة عليه، فهذا من المساكين.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين في الشرح الممتع عند قول المؤلف الفقراء: وهم الذين لا يجدون شيئاً أو يجدون بعض الكفاية، والمساكين يجدون أكثرها أو نصفها، المعتبر ليس كفاية الشخص وحده؛ بل كفايته وكفاية من يمونه، والمعتبر ليس فقط ما يكفيه للأكل والشرب والسكنى والكسوة فحسب؛ بل يشمل حتى الإعفاف أي النكاح، فلو فرض إن الإنسان محتاج إلى الزواج وعنده ما يكفيه لأكله وشربه وكسوته وسكنه لكن ليس عنده ما يكفيه للمهر فإننا نعطيه ما يتزوج به ولو كان كثيراً. انتهى.
ومعلوم أن من يستحق الزكاة يستحق الإطعام.
الفتوى رقم57511
فإن التسول لا يحل إلا لثلاثة بينهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف قال: إن المسألة لا تحل إلا لثلاثة: رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك، ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قواماً من عيش أو قال: سداداً من عيش، ورجل أصابته فاقة حتى يقول ثلاثة من ذوي الحجا من قومه: لقد أصابت فلاناً فاقة، فحلت له المسألة حتى يصيب قواماً من عيش أو قال: سداداً من عيش، فما سواهن من المسألة يا قبيصة سحتا يأكلها صاحبها سحتا. رواه مسلم من حديث قبيصة.
فهؤلاء فقط هم من يَحل لهم السؤال، وغيرهم إنما يأكلون المال بغير حق. فانظري إلى حال المتسولين لتعرفي ما إذا كانوا ممن تحل لهم المسألة، فيكونون ممن أمرنا الدين بالإنفاق عليهم، أم أنهم ممن لا تحل لهم المسألة فلا يكونون منهم.
وإذا لم يكن المرء يعرف ما إذا كان المتسول هو ممن تحل له المسالة أو ممن لا تحل له، فلا بأس بأن يعطيه احتياطاً.
والإنسان إذا لم يجد ما يعطيه للسائل، فعليه أن يرد عليه رداً حسناً، قال تعالى: قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَآ أَذًى وَاللّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ {البقرة:263}.
وعليه، فما قالته المرأة للمتسولة من الدعاء هو المطلوب لمن لم يجد ما يعطيه للسائل، وأما الشتم الذي ردت به تلك المرأة فهو مما نهى عنه الشارع، قال النبي صلى الله عليه وسلم: سباب المسلم فسوق وقتاله كفر. متفق عليه.
وروى الترمذي عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء
والله أعلم.
نقلاً عن الشبكه الاسلاميه.