السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
(1)
أيوب كلمة ما تكاد تسمعها الأذن حتى يتمثل لسامعها الصبر الجميل في أعلى درجاته .
ولد لإسحاق بن إبراهيم عليهما السلام ولدان هما يعقوب وعيصو ..أما يعقوب فقد استوطن بأولاده أرض فلسطين وأما عيصو فقد اتجه هو وأولاده إلى شمال الشام ، ومن ذرية عيصو أتى رجل تقي صبور هو سيدنا أيوب.
كان سيدنا أيوب رجلاً غنياً بسط الله له في الرزق ورزقه الله كذلك نعمة أخرى هي نعمة الأولاد من البنين والبنات.
"واذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه أني مسني الشيطان بنصب وعذاب..اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب..ووهبنا له أهله ومثلهم معهم رحمة منا وذكرى لأولي الألباب..وخذ بيدك ضغثاً فاضرب به ولا تحنث إنا وجدناه صابراً نعم العبد إنه أواب"
نادى ربه أي دعا أيوب عليه السلام ربه ، فقد أصاب سيدنا أيوب مرضاً واستمر معه عدة سنوات ، جعله يدعو ربه أن يكشف عنه ضره ، لأن الإنسان لا يتشجع على الله. والمرض الذي أصاب سيدنا أيوب في جلده فكان كما قالوا : الشيطان يحوم حوله ويقول له إن الله قد بعثك رسولاً ثم فعل بك هذا ( أي المرض) ثم تركك وهو يستطيع أن يشفيك ب(كن) .فيعذبه الألم الجلدي وهواجس الشيطان بوسوسته ، فنادى ربه ودعاه أن يقطع عن نفسه وسوسة الشيطان .
استجاب الله تعالى لأيوب حين ناداه وأمره بأن يضرب برجله الأرض لتخرج ماء يعالج نفسه بها .والله سبحانه وتعالى بيّن لسيدنا أيوب طريقة العلاج وهي الغسل والشراب ، فالمغتسل البارد للظاهر وهو البثور التي أصابت جلده من الخارج ، أما الشراب فينهي الأسباب التي جعلت البثور تظهر.
وقيل أن بعض الأهل عندما رأوا حالته الصحية ابتعدوا عنه ، فأعادهم الله إليه ومعهم آخرين وهم الذرية والأتباع وغيرهم.والله سبحانه وتعالى يبتلي العبد لأنه سبحانه يحب أن يسمع دعاءه .
(2)
وكان سيدنا أيوب أثناء مرضه تعوله زوجته ولم تتركه أبداً ، وقالوا أن الشيطان قد ذهب إلى زوجته وقال لها : اطلبي من أيوب أن يقول أنا شفاني الشيطان وسأشفيه على الفور ، ولأنها كانت تتمنى شفاء زوجها فقد ذهبت إلى سيدنا أيوب وقالت له : لقد جاءني خاطر بكذا ..فهي تعلم أنه لن ينفذ طلب الشيطان ، ولكن سيدنا أيوب قال لها :إنه من الشيطان وقد استمعتي إليه ثم تأتي لتقوليه لي ؟ والله الذي لا إله إلا هو لأجلدنك مائة جلده حين يشفيني ربي .
"وخذ بيدك ضغثاً واضرب به ولا تحنث إنا وجدناه صابراً نعم العبد إنه أواب"
الضغث هو الحزمة من الحشيش أو الحزمة من شماريخ النخل . لما قال الله تعالى في سورة (ص) فاضرب به ولا تحنث ، إذن يوجد يمين والله تعالى يريد أن يبر أيوب به ويضربها مائة ، فقال الله تعالى له :خذ حزمة من الحشائش فيها مائة عود واضربها بها ضربة واحدة فهذه تجعلك تبر في يمينك. نعم العبد إنه أواب أي العبد الذي صبر ورجع إلى ربه فخفف الله عنه حتى الألم الذي يصيب به الغير وهي زوجته ليبر بقسمه فلم يتركه يجلدها فتتألم ولكن الله تعالى خفف عنه بأن يضربها بحزمة الحشيش مرة واحدة.
......................................................................................................